أعلى منها. وما نطق به الكتاب الصادق من طهارته وطهارة بنيه وزوجته في قوله: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " وأيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " وذلك يقتضي عصمته عن الدم الحرام كما أن هارون معصوم عن مثل ذلك... فكيف ساغ لأعداء أمير المؤمنين. مع علمهم بمنزلته العالية في الدين التي لم يصل إليها أحد من المسلمين. أن يطلقوا ألسنتهم فيه وينسبوه إلى قتل عثمان أو الممالاة عليه. لا سيما وقد ثبت عندهم أنه كان من أنصاره لا من المجلبين عليه. ثم قال: إن الذي وعظهم الله تعالى به في القرآن. من تحريم الغيبة والقذف وتشبيه ذلك بأكل لحم الميت أبلغ من وعظى لهم. لأنه لا عظة أبلغ من عظة القرآن. ثم قال: أنا حجيج المارقين وخصيم المرتابين يوم القيامة وروي عنه أنه قال: أنا أول من يجثوا للحكومة بين يدي الله تعالى "، ثم أشار إلى ذلك بقوله: على كتاب الله تعرض الأمثال. يريد بذلك قوله تعالى: (هذان خصمان اختصموا في ربهم) (1)، ثم قال: إن كنت قتلت عثمان أو مالأت عليه. فإن الله سبحانه سيجازيني بذلك. وإلا فسوف يجازى بالعقوبة والعذاب من اتهمني به ونسبني إليه (2).
لقد أرادوا باتهام أمير المؤمنين في دم عثمان أمورا منها: إخراجه من دائرة التطهير التي ستظهرها رواية الحديث في عهده، وهم يريدون إخراجه من هذه الدائرة ليسهل عليهم مواجهته وتعبئة العامة من حولهم على اعتبار أنهم أولياء عثمان والأحق به. أي يجردونه من الرداء الذي وضعه عليه الله ورسوله. بينما يكون على أبدان بني أمية رداء تأويل قوله تعالى: (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل) (3)، فيكونون هم في دائرة الدين. ويكون أمير المؤمنين واحدا من الناس حرص على الحكم ليجعله في أعقابه.