إليه (1). ولكن بني أمية ما كانوا يريدون حقا لأن الحق وضعهم ورفع غيرهم.
وجوهر الأمر لم يكن قتلة عثمان وإنما الملك وكان الإمام علي يعلم هذا ولهذا قال: " وسأمسك الأمر ما استمسك. فإذا لم أجد بدا فآخر الدواء الكي " أي: أمسك نفسي عن محاربة هؤلاء الناكثين للبيعة ما أمكنني وأدفع الأيام بمراسلتهم وتخويفهم وإنذارهم. واجتهد في ردهم إلى الطاعة بالترغيب والترهيب. فإذا لم أجد بدا من الحرب. فآخر الدواء الكي. أي الحرب. لأنها الغاية التي ينتهي أمر العصاة إليها.
لقد كان الإمام يعلم أن هؤلاء هدفهم الحكم وليس قميص عثمان إلا رمزا وشعارا، ولهذا قال: لو أعلم أن بني أمية يذهب ما في نفوسها. لحلفت لهم خمسين يمينا مردودة بين الركن والمقام. أني لم أقتل عثمان. ولم أمال على قتله (2) وقال: " أما بنو أمية هيهات هيهات أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو كان الملك من وراء الجبال. ليثبوا عليه حتى يصلوا " (3)، والإمام قال ذلك لأنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخبر بالغيب عن ربه جل وعلا.
فعن ثروان قال: كنا جلوسا في المسجد. فمر علينا عمار بن ياسر. فقلنا له:
حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة. فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يكون بعدي قوم يأخذون الملك. يقتل عليه بعضهم بعضا. قلنا له: لو حدثنا غيرك ما صدقناه قال: فإنه سيكون (4) فالملك لو كان من وراء الجبال لوثب عليه بنو أمية. ولا يقتلون عليه من خالفهم إن كان من غيرهم فقط. وإنما يقتلون أيضا بعضهم بعضا عليه.
وفي نص سابق علمنا أن الإمام عليا أخذ على نفسه أن يراسل القوم