وينذرهم ويجتهد في ردهم إلى الطاعة. وقد فعل رضي الله عنه ذلك ليقيم على الظالمين الحجة أمام الله جل وعلا. وروى أنه كتب إلى معاوية: " أما بعد. فقد علمت إعذاري فيكم. وإعراضي عنكم. حتى كان ما لا بد منه ولا دفع له.
والحديث طويل. والكلام كثير. وقد أدبر ما أدبر. وأقبل ما أقبل. فبايع من قبلك. وأقبل إلي في وفد من أصحابك " (1)، لقد أقام الحجة وهو يعلم أن معاوية له يبايع. وكيف يبايع وعينه طامحة إلى الملك والرئاسة منذ أمره عمر على الشام. ومن خلفه وصية أمه وأبيه. وكيف يطيع عليا وبين علي بن أبي طالب وبين النبي صلى الله عليه وسلم مساحة واسعة من اللارواية ومساحة أوسع من القص وعليها من المحرضين على علي أكثر من عدد الحصى ويكفي الوليد بن عقبة الذي بعث إلى معاوية يقول:
فوالله ما هند بأمك إن مضى * النهار ولم يثأر بعثمان ثائر أيقتل عبد القوم سيد أهله * ولم تقتلوه ليت أمك عاقر يقول ابن أبي الحديد: وتالله لو سمع هذا التحريض أجبن الناس وأضعفهم نفسا وأنقصهم همه لحركه وشحذ من عزمه فكيف معاوية. وقد أيقظ الوليد بشعره من لا ينام (2) ولم يكتف أمير المؤمنين برسالة واحدة إلى معاوية. وإنما بعث إليه بأكثر من رسالة بعد بيعته بخصوص دم عثمان. وفي رسالة قال له:
ولعمري يا معاوية. لئن نظرت بعقلك دون هواك. لتجدني أبرأ الناس من دم عثمان. ولتعلمن أني كنت في عزله عنه. إلا أن تتجنى. فتجن ما بدا لك.
والسلام (3).
ولم يكف الإعلام الأموي عن الباطل بل بعث إلى مكة وبقية الأمصار بمن يحملون إذاعته ويعملون من أجل شق صف الأمة.
وفي هذا الوقت استأذن طلحة والزبير عليا في العمرة فأذن لهما فلحقا