القطيفة هي التي خرجت بها من بيتي - أو قال - من المدينة (1)، وروى أن عليا قال: أيها الناس والله الذي لا إله إلا هو ما رزأت من مالكم قليلا ولا كثيرا إلا هذه. وأخرج قارورة من كم قميصه فيها طيب وقال: أهداها إلي داهقان (2) وروى أنه كان يختم على الجراب الذي فيه دقيق الشعير الذي يأكل منه. ويقول:
لا أحب أن يدخل بطني إلا ما أعلم (3)، وروى أنه لم يبن آجرة على آجرة ولا لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة وكان يأتي بحبوية من المدينة في جراب ليأكل منها (4) وروى أنه كان يكنس بيت المال كل جمعة ويصلي فيه ركعتين ويقول:
ليشهد لي يوم القيامة (5).
والإمام علي بن أبي طالب لم يطالب بفدك وهي حقه. ليس لأن الزمان كان زمان ثورة على المال والذهب والفضة ومطالبته بها سيفتح عليه أبوابا. وإنما لأن فدك كانت ابتلاء لعصر. وإذا كان الإمام لم يأخذ حقه ومفتاح بيت المال في يده. فهو أيضا لم يطالب بفدك وهو على رأس السلطة. وذلك لأنه كان يتعامل مع الأحداث من باب إقامة الحجة ووفقا لمتطلبات الدعوة أما عن أمواله روى أنه قال: " بلى كانت في أيدينا فدك. من كل ما أظلته السماء. فشحت عليها نفوس قوم. وسخت عنها نفوس أخرين. ونعم الحكم الله. وما أصنع بفدك وغير فدك " (6)، وشرح ابن أبي الحديد كلام الإمام فقال: أبي لا مال لي. ولا اقتنيت فيما مضى مالا. وإنما كانت في أيدينا فدك. فشحت عليها نفوس قوم (أي نحلت) وسخت عنها نفوس آخرين. (أي سامحت واغضت)، ثم بين الإمام بعد ذلك. أن تقلله واقتصاره من المطعم والملبس على الجشب والخشن رياضة لنفسه. وأنه يعمل ذلك خوفا من الله. فالرياضة هنا هي رياضة في الحقيقة