الله سبحانه: (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) (1)، وقال تعالى: (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم) (2)، فلم يستنصركم من ذل. ولم يستقرضكم من قل. استنصركم وله جنود السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم. واستقرضكم وله خزائن السماوات والأرض وهو الغني الحميد.
وإنما أراد أن يبلوكم أيكم أحسن عملا. فبادروا بأعمالكم تكونوا مع جيران الله في داره. رافق بهم رسله. وأزارهم ملائكته. وأكرم أسماعهم أن تسمع حسيس نار أبدا. وصان أجسادهم أن تلقى لغوبا ونصبا: " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم " (3).
مما سبق يتبين أن المتكلم حجة. همته بالله وشغله فيه وفراره إليه. وكان الإمام يقول مخاطبا ساحة عريضة اكتنز فيها الذهب والفضة " لطلب المال والثروة أسرع من خراب دين الرجل من ذئبين ضاريين باتا في حظيرة غنم. ما زالا فيها حتى أصبحا (4)، وقال: " الزهد كله بين كلمتين من القرآن ". قال الله سبحانه:
* (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) (5)، ومن لم يأس على الماضي ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه " (6)، وقال: " فلا تنافسوا في عز الدنيا وفخرها. ولا تعجبوا بزينتها ونعيمها. ولا تجزعوا من ضرائها وبؤسها.
فإن عزها وفخرها إلى انقطاع. وزينتها ونعيمها إلى زوال. وضراءها وبؤسها إلى نفاد. وكل مدة فيها إلى انتهاء. وكل حي فيها إلى فناء. أوليس لكم في آثار الأولين مزدجر. وفي آبائكم الأولين تبصرة ومعتبر إن كنتم تعقلون. أولم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون. وإلى الخلف الباقين لا يبقون. أو لستم ترون أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى: فميت يبكي. وآخر به يعزي