وعرف الخاص والعام. والمحكم والمتشابه. فوضع كل شئ موضعه. وقد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلام له وجهان: فكلام خاص، وكلام عام، فيسمعه من لا يعرف ما عنى الله سبحانه به ولا ما عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيحمله السامع. ويوجهه على غير معرفة بمعناه. وما قصد به وما خرج به أجله. وليس كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يسأله ويستفهمه. حتى إن كانوا يحبون أن يجئ الأعرابي والطارئ فيسأله عليه الصلاة والسلام حتى يسمعوا. وكان لا يمر بي من ذلك شئ إلا سألته عنه وحفظته. فهذه وجوه ما عليه الناس في اختلافهم وعللهم في رواياتهم (1).
وقول الإمام إنه كان لا يمر به شئ من ذلك إلا سأل النبي عنه وحفظه له شواهد كثيرة. فعلاوة على أنه كان لا يفارق النبي في مواطن كثيرة. فإنه كان له من رسول الله صلى الله عليه وسلم مدخلان مدخل بالليل ومدخل بالنهار (2) يقول له فيهما ما غاب عنه ويفسر له فيهما ما استفسر عنه. وحفظ علي رضي الله عنه لجميع ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء في حديث صحيح وذلك في قوله تعالى: (وتعيها أذن واعية) فعن علي قال:
قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي.
فما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسيته " (3)، ولذا كان علي يقول: " إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا ناطقا " (4)، وقال: " سلوني عن كتاب الله فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار في سهل أم في جبل " (5)، وهذا كله كان لحكمة من ورائها هدف. وهذا الهدف يشع في أحاديث رواها أئمة الحديث عند قوله تعالى: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد)