وصريع مبتلي. وعائد يعود وآخر بنفسه يجود. وطالب للدنيا الموت يطلبه.
وغافل وليس بمغفول عنه.. " (1)، وقال: " أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ضرب الأمثال، ووقت لكم الآجال. وألبسكم الرياش (2). وأرفغ لكم المعاش (3). وأحاط بكم الاحصاء، وأرصد (4) لكم الجزاء. وآثركم بالنعم السوابغ، والرفد الروافغ (5). وأنذركم بالحجج البوالغ (6). فأحصاكم عددا.
ووظف لكم مددا. وفي قرارة خبرة. ودار عبرة. وأنتم مختبرون فيها.
ومحاسبون عليها " (7).
فهكذا كان أمير المؤمنين يخاطب رقعة واسعة عليها العديد من النبلاء.
وكان أمير المؤمنين خير قدوة لسياسة الدنيا والآخرة. يقول الشعبي: دخلت الكوفة وأنا غلام. فإذا أنا بعلي بن أبي طالب قائما على صبرتين (8) من ذهب وفضة. ومعه محففة. وهو يطرد الناس بمحففته. ثم يرجع إلى المال فيقسمه.
بين الناس. حتى لم يبق منه شيئا. ثم انصرف ولم يحمل إلى بيته قليلا ولا كثيرا. فرجعت إلى أبي فقلت له: لقد رأيت اليوم خير الناس أو أحمق الناس.
قال: من هو يا بني؟ قلت: علي بن أبي طالب أمير المؤمنين. رأيته يصنع كذا.
فقصصت عليه، فبكى أبي وقال: يا بني بل رأيت خير الناس (9)، وروى ابن كثير عن ابن عنترة عن أبيه قال: دخلت على علي بن أبي طالب وعليه قطيفة وهو يرعد من البرد. فقلت: يا أمير المؤمنين. إن الله قد جعل لك ولأهل بيتك نصيبا في هذا المال وأنت ترعد من البرد. فقال: إني والله لا أرزأ من مالكم شيئا. وهذه