يرضاه صاحبه لنفسه. ويكرهه لعامة المسلمين. واحذر كل عمل يعمل به في السر. ويستحي منه في العلانية. واحذر كل عمل إذا سئل عنه صاحبه أنكره واعتذر منه. ولا تجعل عرضك غرضا لنبال القوم. ولا تحدث الناس بكل ما سمعت به. فكفى بذلك كذبا. ولا ترد على الناس كل ما حدثوك به. فكفى بذلك جهلا. واكظم الغيظ واحلم عند الغضب. وتجاوز عند المقدرة. واصفح مع الدولة تكن لك العاقبة. واستصلح كل نعمة أنعمها الله عليك. ولا تضيعن نعمة من نعم الله عندك. ولير عليك أثر ما أنعم الله به عليك (1)، ومن كتابا له إلى عامله على مكة (2) قال: أما بعد. فأقم للناس الحج، وذكرهم بأيام الله.
واجلس لهم العصرين. فأفت المستفتي وعلم الجاهل. وذكر العالم. ولا يكن لك إلى الناس سفير إلا لسانك ولا حاجب إلا وجهك. ولا تحجبن ذا حاجة عن لقائك بها. فإنها إذا ذيدت عن أبوابك في أول وردها. لم تحمد فيما بعد على قضائها. وانظر إلى ما اجتمع عندك من مال الله فاصرفه إلى من قبلك من ذوي العيال والمجاعة. مصيبا به مواضع المفاقر والخلات. وما فضل عن ذلك فاحمله إلينا لنقسمه فيمن قبلنا. ومر أهل مكة ألا يأخذوا من ساكن أجرا.
فإن الله سبحانه يقول: (سواء العاكف فيه والباد) فالعاكف: المقيم به.
والبادي: الذي يحج إليه من غير أهله. وفقنا الله وإياكم لمحابه والسلام " (3).
ولما كنا قد سلطنا الضوء هنا على بعض وصايا الأيام علي لعماله فإننا نرى أنه لا ينبغي لنا أن ننهي هذا الضوء إلا بعد أن نسلطه على كتاب الإمام إلى مالك الأشتر لما ولاه مصر. وهذا الكتاب وضع موضع العناية منذ أقدم العصور إلى يوم الناس هذا عند الكثير من رجال العلم. وأعلام الأدب. وأساتذة القانون. فلقد تناولوه درسا وبحثا. وأوسعوه شرحا وتعليقا. وأفردوا فيه المؤلفات، وترجموه إلى بعض اللغات (4) وكتاب أمير المؤمنين إلى مالك