معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ١ - الصفحة ٤٧٦
أهليهم (1). حتى يكون همهم هما واحدا في جهاد العدو. فإن عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك. ولا تصح نصيحتهم إلا بحيطتهم على ولاة أمورهم. وقلة استثقال دولهم (2). وترك استبطاء انقطاع مدتهم. فافسح في آمالهم. وواصل من حسن الثناء عليهم. وتعديد من أبلى ذوي البلاء منهم. فإن كثرة الذكر لحسن فعالهم تهز الشجاع. وتحرض الناكل. إن شاء الله. ثم عرف لكل امرئ منهم ما أبلى. ولا تضمن بلاء امرئ إلى غيره (3). ولا تقصرن به دون غاية بلائه. ولا يدعونك شرف امرئ إلي أن تعظم من بلائه ما كان صغيرا. ولا ضعة امرئ إلى أن تستصغر من بلائه ما كان عظيما. واردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب. ويشتبه عليك من الأمور. فقد قال تعالى لقوم أحب إرشادهم: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول)، فالرد إلى الله الأخذ بمحكم كتابه. والرد إلى الرسول الأخذ بسنته الجامعة غير المفرقة.
ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك. ممن لا تضيق به الأمور. ولا تمحكه الخصوم (4). ولا يتمادى في الزلة (5). ولا يحرص من الفئ إلى الحق إذا عرفه (6). ولا تشرف نفسه على طمع (7). ولا يكتفي بأدنى منهم دون أقصاه (8). وأوقفهم في الشبهات. وآخذهم بالحجج. وأقلهم تبرما

(1) أي ممن يخلفونه من أولادهم وأهليهم.
(2) أي لا تصح نصيحة الجند لك إلا إذا أحبوا أمراءهم ثم لم يستثقلوا دولهم. ولم يتمنوا زوالها.
(3) أي اذكر كل من أبلى منهم مفردا غير ضموم ذكر بلائه إلى غيره. كي لا يكون مغمورا في جنب ذكر غيره.
(4) أي تجعله ماحكا. أي لجوجا.
(5) أي إن زل رجع وأناب.
(6) نفس المعنى السابق.
(7) أي لا تشفق.
(8) أي لا يكون قانعا بما يخطر له بادئ الرأي من أمر الخصوم بل يبحث أشد البحث.
(٤٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 ... » »»
الفهرست