الدنيا تكون لهم دونك. والوزر في الآخرة عليك. والعيب والذم في الدنيا أيضا لا حقان بك. ثم قال له: إن اتهمتك الرعية بحيف عليهم. أو ظنت بك جورا.
فاذكر لهم عذرك في ذلك. وما عندك ظاهر غير مستور. فإنه الأولى والأقرب إلى استقامتهم لك على الحق. ثم قال الإمام:
" وإن عقدت بينك وبين عدو لك عقدة. أو ألبسته منك ذمة. فحط عهدك بالوفاء. وارع ذمتك بالأمانة... إياك والدماء وسفكها بغير حلها. فإنه ليس شئ أدعى لنقمة. ولا أعظم لتبعة. ولا أحرى بزوال نعمة. وانقطاع مدة. من سفك الدماء بغير حقها... ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد. لأن فيه قود البدن... وإياك والإعجاب بنفسك. والثقة بما يعجبك منها. وحب الاطراء. فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه. يمحق ما يكون من إحسان المحسنين. وإياك والمن على رعيتك بإحسانك. أو التزيد فيما كان من فعلك.
أو أن تعدهم فتتبع موعدك بخلفك. فإن المن يبطل الاحسان. والتزيد يذهب بنور الحق. والخلف يوجب المقت عند الله والناس... وإياك والعجلة بالأمور قبل أوانها. أو التساقط فيها عند إمكانها. أو اللجاجة فيها إذا تنكرت. أو الوهن عنها إذا استوضحت. فضع كل أمر موضعه. وأوقع كل عمل موقعه. وإياك والاستئثار بما الناس فيه أسوة. والتغابي عما تعني به مما قد وضح للعيون. فإنه مأخوذ منك لغيرك.. وعما قليل تنكشف عن أغطية الأمور. وينتصف منك للمظلوم. أملك حمية أنفك. وسورة حدك. وسطوة يدك. وغرب لسانك.
واحترس من كل ذلك بكف البادرة. وتأخير السطوة. حتى يسكن غضبك.
فتملك الاختيار. ولن تحكم ذلك من نفسك حتى تكثر همومك بذكر المعاد إلى ربك...
وأنا أسأل الله بسعة رحمته. وعظيم قدرته على أعطاء كل رغبة. أن يوفقني وإياك لما فيه رضاه. من الإقامة على العذر الواضح إليه وإلى خلقه. ومن حسن الثناء في العباد. وجميل الأثر في البلاء.
وتمام النعمة. وتضعيف الكرامة. وأن يختم لي ولك بالسعادة والشهادة.
إنا إلى الله راغبون. والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله الطيبين