خاصة أهلك. ومن لك هوى فيه من رعيتك. فإنك إلا تفعل تظلم. ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده. ومن خاصمه الله أدحض حجته. وكان لله حربا حتى ينزع أو يتوب. وليس شئ أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم. فإن الله يسمع دعوة المضطهدين. وهو للظالمين بالمرصاد.
وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق. وأعمها في العدل. وأجمعها لرضا الرعية. فإن سخط العامة يجحف برضا الخاصة. وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضا العامة.
قال ابن أبي الحديد: قال له: أنصف الناس من نفسك ومن ولدك وخاصة أهلك ومن تحبه وتميل إليه من رعيتك فحتى لم تفعل ذلك كنت ظالما. ثم قال الإمام:
وليكن أبعد رعيتك منك. وأشنأهم عندك أطلبهم لمعايب الناس. فإن في الناس عيوبا الوالي أحق من سترها، فلا تكشفن عما غاب عنك منها. فإنما عليك تطهير ما ظهر لك. والله يحكم على ما غاب عنك. فاستر العورة ما استطعت. يستر الله منك ما تحب ستره من رعيتك. أطلق عن الناس عقدة كل حقد. واقطع عنك سبب كل وتر. وتغاب عن كل ما لا يضح لك. ولا تعجلن إلى تصديق ساع. فإن الساعي غاش وإن تشبه بالناصحين. ولا تدخلن في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل. ويعدك الفقر. ولا جبانا يضعفك عن الأمور. ولا حريصا يزين لك الشره بالجور. فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله.
إن شر وزرائك من كان قبلك للأشرار وزيرا. ومن شكرهم في الآثام فلا يكن لك بطانة. فإنهم أعوان الأئمة. وإخوان الظلمة. وأنت واجد منهم خير الخلف ممن له مثل آرائهم ونفاذهم. وليس عليه مثل آصارهم وأوزارهم وآثامهم. ممن لم يعاون ظالما على ظلمه. ولا آثما على إثمه. أولئك أخف عليك مؤونة وأحسن لك معونة. وأحنى عليك عطفا. وأقل لغيرك إلفا. فاتخذ أولئك خاصة لخلواتك وحفلاتك. ثم ليكن آثرهم عندك أقولهم بمر الحق لك.
وأقلهم مساعدة فيما يكون منك مما كره الله لأوليائه. واقعا ذلك من هواك