وليس تقوم الرعية إلا بهم. ثم لا قوام للجنود إلا بما يخرج الله لهم من الخراج الذي يقوون به على جهاد عدوهم. ويعتمدون عليه فيما يصلحهم. ويكون من وراء حاجتهم. ثم لا قوام لهذين الصنفين إلا بالصنف الثالث من القضاء والعمال والكتاب، لما يحكمون من المعاقد. ويجمعون من المنافع. ويؤتمنون عليه من خواص الأمور وعوامها. ولا قوام لهم جميعا إلا بالتجار وذوي الصناعات. فيما يجتمعون عليه من مرافقتهم. ويقيمونه من أسواقهم. ويكفونهم من الترفق بأيديهم مما لا يبلغه رفق غيرهم.
ثم الطبقة السفلى من أهل الحاجة والمسكنة. الذين يحق رفدهم ومعونتهم. وفي الله لكل سعة. ولكل على الوالي حق بقدر ما يصلحه. وليس يخرج الوالي من حقيقة ما ألزمه الله تعالى من ذلك. إلا بالاهتمام والاستعانة بالله. وتوطين نفسه على لزوم الحق والصبر عليه فيما خف عليه أو ثقل. فول من جنودك أنصحهم في نفسك لله ولرسوله ولإمامك. وأطهرهم جنبا. وأفضلهم حلما. ممن يبطئ عن الغضب. ويستريح إلى العذر. ويرأف بالضعفاء (1).
وينبو على الأقوياء (2). وممن لا يثيره العنف (3). ولا يقعد به الضعف (4). ثم الصق بذوي المروءات والأحساب. وأهل البيوتات الصالحة. والسوابق الحسنة.
ثم أهل النجدة والشجاعة. والسخاء والسماحة. فإنهم جماع من الكرم. وشعب من العرف. ثم تفقد من أمورهم ما يتفقد الوالدان من ولدهما. ولا يتفاقمن في نفسك شئ قويتهم به. ولا تحقرن لطفا تعاهدتهم به وإن قل. فإنه داعية لهم إلى بذل النصيحة لك. وحسن الظن بك. ولا تدع تفقد لطيف أمورهم اتكالا على جسيمها. فإن لليسير من لطفك موضعا ينتفعون به. وللجسيم موقعا لا يستغنون عنه. وليكن أثر رؤوس جندك عندك من واساهم في معونته. وأفضل عليهم من جدته. بما يسعهم ويسمع من وراءهم من خلوف