قوله تعالى: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل الله أذن لكم أم على الله تفترون) (1) فقالوا له: قف. أرأيت ما حميت من الحمى الله أذن لك أم على الله تفتري؟ قال: وأما الحمى فإن عمر حمى الحمى قبلي لا بل الصدقة. فلما وليت زادت إبل الصدقة فزدت في الحمى لما ناد في إبل الصدقة... ثم أخذوه بأشياء لم يكن عنده منها مخرج فعرفها فقال: أستغفر الله وأتوب إليه ما تريدون؟ قالوا: نريد ألا يأخذ أهل المدينة عطاء. فإنما هذا المال لمن قاتل عليه ولهؤلاء الشيوخ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فرضي عثمان بذلك وأخذ عليهم ألا يشقوا عصا ولا يفرقوا جماعة ما قام لهم بشروطهم (2).
ويا ليت الأمر سار على هذا. ولكن بني أمية مكروا مكرهم روى الطبري: لما قدمت إبل الصدقة على عثمان بعد ذلك وهبها لبعض بني الحكم بن أبي العاص.
فبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف فأخذها وقسمها في الناس وعثمان في الدار (3).
والأكبر من ذلك أن المصريين عندما تصالحوا مع عثمان على أن لا يشقوا عصا ما قام بشروطهم. فوجئوا في طريقهم بأبي الأعور السلمي الذي لعنه رسول الله يحمل رسالة إلى ابن أبي السرح الذي أهدر النبي دمه. وفيها يأمره عثمان بصلبهم أو قتلهم أو قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف. وعلى الرسالة خاتم عثمان: ولقد أنكر عثمان ذلك ومن سير الأحداث تبين أن الذي وراء هذه الرسالة هو مروان بن الحكم بن أبي العاص الذي لعنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو في صلب أبيه.
إن الذي قتل عثمان سياسة سهرت عليها بطانة سوء من أمثال معاوية وعمرو مروان وابن أبي السرح وغيرهم، وما تصدى لعثمان إلا الصحابة وأبناء الصحابة، وليس من الحقيقة في شئ أن يقال: إن الذين ألبوا وساعدوا وقتلوا