حمقنا بعدك، فقال الوليد: لا تجزعن أبا إسحاق فإنما هو الملك يتغذاه قوم ويتعشاه آخرون، قال سعد: أراكم والله ستجعلونها ملكا (1)، والوليد هو أخو عثمان لأمه (2)، ولا خلاف بين أهل العلم أن قوله تعالى: * (إن جاءكم فاسق...) * نزلت في الوليد (3)، وقصة صلاته بالناس الصبح أربعا وهو سكران مشهورة مخرجة، وقصة عزله بعد أن ثبت عليه شرب الخمر مشهورة أيضا مخرجة، في الصحيحين (4). ونتيجة لما فعله الوليد احتج وجوه أهل الكوفة وتوجهوا إلى عثمان وطالبوا بعزل الوليد ولكن عثمان ماطل. وروى البلاذري:
أن عثمان ضرب بعض الشهود أسواطا، فأتوا عليا فشكوا إليه، فأتى عثمان وقال: عطلت الحدود وضربت قوما شهود على أخيك فقلبت الحكم. وأخرج البلاذري أيضا: وأتى بعض الشهود عائشة فأخبروها بما جرى بينهم وبين عثمان، وأن عثمان زبرهم فنادت عائشة: إن عثمان أبطل الحدود وتوعد الشهود. وأخرج صاحب الأغاني: إن عثمان قال: أما يجد مراق أهل العراق وفساقهم ملجأ إلا بيت عائشة، فسمعت فرفعت نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: تركت سنة رسول الله صاحب هذا النعل. فتسامع الناس فجاءوا حتى ملأوا المسجد فمن قائل: أحسنت، ومن قائل: ما للنساء ولهذا؟
حتى تحاصبوا وتضاربوا بالنعال. ولم يجد عثمان مفرا أمام هذه الانتفاضة سوى أن يجمع بين الوليد وبين خصمائه ورأى أن ينفذ عليه الحد.
وروي أن سعيد بن العاص جلس على كرسي الإمارة بعد الوليد، وما صعد منبر الكوفة حتى أمر به أن يغسل: فناشده رجال من قريش كانوا قد خرجوا معه من بني أمية وقالوا: إن هذا قبيح والله لو أراد هذا غيرك لكان حقا أن تذب عنه يلزمه عار هذا أبدا، ولكن سعيدا أبى إلا أن يفعل فغسله (5). وإذا كان سعيد قد