طهر المنبر نجد أنه عندما اختار من أهل الكوفة من يدخل عليه ويسمر عنده، قد فجر مشكلة فتحت بابا واسعا للاحتجاج. روى أنه تفاخر بالخراج وقال: " إنما هذا السواد بستان لقريش ". فهذه المقولة كانت بداية وقف الأشتر عندها. وقال له: أتزعم أن السواد الذي أفاءه الله علينا بأسيافنا بستان لك ولقومك والله ما يزيد أوفاكم فيه نصيبا إلا أن يكون كأحدنا. وتكلم القوم مع الأشتر، وعندئذ قال قائد شرطة سعيد: أتردون على الأمير مقالته وأغلظ لهم... فقال سعيد: والله لا يسمر عنهم عندي أحد أبدا. ثم كتب سعيد إلى عثمان: إن رهطا من أهل الكوفة يؤلبون ويجتمعون على عيبك وعيبي والطعن في ديننا وقد خشيت إن ثبت أمرهم أن يكثروا (1).
وعلى هذه الرسالة بدأ عثمان ينتهج سياسة جديدة هي سياسة التسيير أي إبعاد الناس عن ديارهم إلى مكان آخر يمتاز بغلظة اليد. وكتب عثمان إلى سعيد أن سيرهم إلى معاوية وكان معاوية يومئذ على الشام فسيرهم وهم تسعة نفر إلى معاوية (2) منهم: زيد بن صوحان وجندب بن كعب وفيهما ورد حديث يدين عهد عثمان. روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " جندب وما جندب وزيد الخير وما زيد الخير، أما أحدهما فيضرب ضربة يفرق بين الحق والباطل، وأما الآخر فيسبقه عضو من أعضائه إلى الجنة ثم يتبعه سائر جسده (3). وقال:
" من سره أن ينظر إلى رجل سبقه بعض أعضائه إلى الجنة فلينظر إلى زيد بن صوحان " (4).
فأما جندب فواجه الوليد بن عقبة (5) وحكم عليه عثمان بالتسيير. وأما زيد