مقتل عثمان بأربعين يوما (1)، وقبل وفاته بايع عليا وأوصى الناس بطاعة أمير المؤمنين علي (2)، وأمر أولاده بالقتال تحت رايته فقتلا بصفين (3).
والثابت أيضا أن حذيفة كان مريضا قبل قتل عثمان وكان يلزم بيته (4)، وعلى ما سبق فإن رواياته التي سنوردها هنا لا بد وأن تكون قد وقعت في خلافة أبي بكر وعمر، وأما في خلافة عثمان. وهي روايات تجسد واقع المجتمع الذي رآه وسمعه حذيفة ومن هذه الروايات: قال: " لا يغرنك ما ترى، فإن هؤلاء يوشكون أن ينفرجوا عن دينهم كما تنفرج المرأة عن قبلها " (5). وقال: " والله ما أدري أنسي أصحابي أم تناسوا؟ (6) والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قائد فتنة (7) إلى أن تنقضي الدنيا بلغ من معه ثلاثمائة فصاعدا إلا قد سماه لنا باسمه واسم أبيه واسم (8) قبيلته " (9). إن حذيفة هنا يشير إلى أن النبي ترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، ولأن الصحابة نسوا ما ذكروا به جرت الفتن. وقال حذيفة في معالمها: " إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون " (10).
ثم قال صاحب السر الذي لا يعلمه أحد غيره: " إنما كان النفاق على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فأما اليوم فإنما هو الكفر