منذ آدم عليه السلام وحتى محمد صلى الله عليه وسلم والتوحيد يسري في الوجود. لقد ذهب الجبابرة وأبناء الجبابرة الذين ادعوا أن دماء الآلهة تجري في عروقهم، ذهبوا، وذهب من بعدهم الجلادون الذين أرادوا أن تكون للشذوذ قداسة. ذهبوا وما زالوا يذهبون، ودعوة الحق راسخة في النفوس رسوخ الجبال * (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون * هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) * (1).
ولقد عمل الشيطان وقطاع الطرق من أجل تدمير الفطرة. والفطرة التي استهدفوها يقدروا على تبديلها وفي هذا انتكاس لهم. أما تغيير الطريق الفطري، فإن الشيطان لم يمكن من إجبار الناس على المعاصي، هو يدعو إليها فقط. وهذا الباب أغلقته حجج الله على عباده في عالم الذر والخلق، وفي عالم المشاهدة المنظور. ولقد جاء رسل الله عليهم السلام بالدين الحق، وللدين طريقة خاصة في الحياة، وبه يميز الناس أي الطرق يسلكون إلى حياة طيبة في الدنيا والآخرة، والدين الصحيح لا يكون إلا بحفظ الصلة بالله تعالى وإخلاص العبادة له. فمن أخلص العبادة لله تكون له حياة طيبة والله تعالى يحيي في الدنيا الذين آمنوا حياة غير الحياة التي يعطيها للآخرين، فحياة المؤمنين والمجرمين وموتهما لا يتساويان. قال تعالى: * (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون) * (2).
ومن أعظم الحجج على الإنسان، أن الله ما ترك دعوة جاء بها رسول من رسله، إلا وأخبر فيها عن مكائد الشيطان، كي يحذر الجنس البشري من عمليات الاغواء والتزيين وغير ذلك. أليس في هذا تعرية لبرنامج الشيطان، والرسالة الخاتمة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم، أفاض فيها سبحانه في هذا الجانب، وكشف كل مكر يقوم به الشيطان وأتباعه حتى يوم الوقت المعلوم.