هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله فأعطوكم المقادة وسلموا إليكم بالإمارة. وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار فانصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم واعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفت الأنصار لكم وإلا فبؤوا بالظلم وأنتم تعلمون. فقال عمر: إنك لست متروكا حتى تبايع، فقال له علي: احلب يا عمر حلبا لك شطره! اشدد له اليوم أمره ليرد عليك غدا!! ألا والله لا أقبل قولك ولا أبايعه، فقال له أبو بكر: فإن لم تبايعني لم أكرهك، وقال أبو عبيدة: يا أبا الحسن أنك لحديث السن وهؤلاء مشيخة قريش قومك ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور. ولا أرى أبا بكر إلا أقوى على هذا الأمر وأشد احتمالا له واضطلاعا به فسلم له هذا الأمر وأرض.
فإنك إن تعش ويصل عمرك فأنت لهذا الأمر خليق وبه حقيق في فضلك وقرابتك وسابقتك وجهادك. فقال علي: يا معشر المهاجرين الله الله. لا تخرجوا سلطان محمد عن داره وبيته إلى بيوتكم ودوركم ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه. فوالله يا معشر المهاجرين لنحن - أهل البيت - أحق بهذا الأمر منكم. أما كان منا القارئ لكتاب الله الفقيه في دين الله العالم بالسنة المضطلع بأمر الرعية والله إنه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا وانصرف علي إلى منزله ولم يبايع (1).
الملاحظ هنا وخلال أحداث هذه الفترة فيما وصل إلينا أن الإمام عليا لم يحتج على قريش بالنص. ويمكن فهم السبب بخلفية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد خلال الأيام القليلة السابقة لهذه الأحداث أن يكتب لهم نصا ولكنهم حالوا بينه وبين ذلك. إشفاقا عليه وإشفاقا على أنفسهم من أن يكتب لهم ما يعجزون عنه فتكون العقوبة أشد لكون الأمر مكتوب. فإذا كان القوم قد صادروا النص المكتوب لأن عقوبته أشد فإنه لا يستبعد أن يصادروا النص المسموع.
والإمام لوح بالنص في مواطن عديدة. فقوله لهم: " لنحن أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم "، فتح دائرة حق من أراد أن يناقشها ناقشه والحق لا يخفى ثم قوله: