وإذا الحرب تلظت نارها * بركوا فيها إذا الموت برك ودخل الفضل على علي بن أبي طالب فأسمعه شعره ففرح به. وأمره أن يظهر شعره ويبعث به إلى الأنصار. فلما بلغ ذلك الأنصار بعثوا إلى حسان بن ثابت فعرضوا عليه شعر الفضل. فقال: كيف أصنع بجوابه إن لم أتحر قوافيه فضحني فرويدا حتى أقفو أثره في القوافي. فقال له خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين: اذكر عليا وآله يكفك عن كل شئ. فقال:
جزى الله عنا والجزاء بكفه * أبا حسن عنا ومن كأبي حسن سبقت قريش بالذي أنت أهله * فصدرك مشروح. وقلبك ممتحن تمنت رجال من قريش أغرة * مكانك. هيهات الهزال من السمن وأنت من الإسلام في كل موطن * بمنزلة الدلو البطين من الرسن غضبت لنا إذ قام عمرو بخطية * أمات بها التقوى وأحيا بها الإحن فكنت المرجي من لؤي بن غالب * لما كان منهم. والذي كان لم يكن حفظت رسول الله فينا وعهده * إليك. ومن أولى به منك من ومن ألست أخاه في الهدى ووصيه * وأعلم منهم بالكتاب وبالسنن فحقك ما دمت بنجد وشيجة * عظيم علينا ثم بعد على اليمن (1) في هذا الشعر صرحت الأنصار بوصية النبي لعلي:
ألست أخاه في الهدى ووصيه * وأعلم منهم بالكتاب وبالسنن ولقد قالوا هذا الشعر وهتفوا باسم علي. وهذا الأمر يقتضي من الباحث أن يلتمس للأنصار الأعذار وأن ينظر إلى حركتهم من البدء إلى الانتهاء بمنظور الفطرة والرسول الأكرم هو الذي أرشدنا إلى التماس الأعذار لهم. كان صلى الله عليه وسلم يقول لهم: " اللهم أنتم من أحب الناس إلي " (2)، وقال النبي الأكرم: " أيها الناس فإن الناس يكثرون وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحد أو ينفعه فليتقبل من محسنهم ويتجاوز