كانوا أجمعوا له من أمرهم (1).
وحدث هرج وكادوا يطؤن سعد بن عبادة. فقال ناس من أصحاب سعد:
اتقوا سعد لا تطؤه. فقال عمر: اقتلوه قتله الله (2). ثم قام على رأسه وقال: لقد هممت أن أطأك حتى تندر عضوك. فأخذ سعد بلحية عمر، فقال عمر: والله لو حصصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة (3)، فقال سعد لعمر: أما والله لو أن بي قوة ما أقوى على النهوض - وكان مريضا - لسمعت مني في أقطارها وسككها زئيرا يحجزك وأصحابك. أما والله إذا لألحقتك بقوم كنت فيهم تابعا غير متبوع. ثم قال: احملوني من هذا المكان. فحملوه فأدخلوه داره. وترك أياما. ثم بعث إليه أن أقبل فبايع. فقال: أما والله حتى أرميكم بما في كنانتي من نبلي. وأخضب سنان رمحي وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي وأقاتلكم بأهل بيتي ومن أطاعني من قومي. فلا أفعل وأيم الله. لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي وأعلم ما حسابي. فلما أتى أبو بكر ذلك. قال له عمر: لا تدعه حتى يبايع فقال له بشير بن سعد: أنه قد لج وأبى. وليس بمبايعكم حتى يقتل. وليس بمقتول حتى يقتل معه ولده وأهل بيته وطائفة من عشيرته فاتركوه فليس تركه بضاركم. إنما هو رجل واحد. فتركوه وقبلوا مشورة بشير بن سعد. وكان سعد لا يصلي بصلاتهم ولا يجمع معهم ولا يحج ولا يفيض معهم بإفاضتهم (4)، فلم يزل كذلك حتى خلافة عمر بن الخطاب. فقال لعمر: كان صاحبك أحب إلينا وقد أصبحت والله كارها لجوارك. وأنا متحول إلى جوار من هو خير منك. وخرج سعد مهاجرا إلى الشام. وفي حوران قتل سعد (5) وقالوا لناس يومئذ: لقد قتله الجن.