وقال: نحن الأمراء وأنتم الوزراء فقال الحباب بن المنذر: لا والله لا نفعل منا أمير ومنهم أمير. فقال أبو بكر: لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء (1).
وارتفعت الأصوات وكثر اللغط، وتكلم عمر وقال: والله لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم (2)، فرد عليه الحباب فقال: يا معشر الأنصار أملكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر. فإن أبوا عليكم ما سألتموهم فاجلوهم عن هذه البلاد وتولوا عليهم هذه الأمور. فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم فإنه بأسيافكم دان لهذا الدين من دان ممن لم يكن يدين. أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب أما والله لئن شئتم لنعيدنها جذعة. فقال عمر: إذا يقتلك الله، قال الحباب: بل إياك يقتل (3)، وقال أبو بكر: إني قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين عمر أو أبو عبيدة (4)، وانتهى الأمر بأن قال عمر: أبسط يدك يا أبا بكر فلا بايعك. فقال أبو بكر: بل أنت يا عمر فأنت أقوى لها مني ففتح عمر يد أبي بكر وقال: إن لك قوتي مع قوتك (5)، إلى هذا الحد كان الأنصار يصرن على موقفهم حتى قام بشير بن سعيد الخزرجي وكان حاسدا لسعد وقال: يا معشر الأنصار. إلا أن محمدا من قريش وقومه أولى به. وبايع، فناداه الحباب بن المنذر: يا بشير بن سعد عققت عقاق ما أحوجك إلى ما صنعت أنفست على ابن عمك الإمارة (6)، فلما رأت الأوس ما صنع بشير. قام أسيد بن الحضير - قال صاحب الإصابة: كان أبو بكر لا يقدم عليه أحد من الأنصار. ولما مات أسيد وفى عمر دينه (7) - وقال: قوموا فبايعوا أبا بكر. فقاموا إليه فبايعوه، فأنكس على سعد بن عبادة وعلى الخزرج ما