عليه العرب إما لأنه وترها وسفك دماءها وإما للحسد أو البغض وإما لاستحداثهم سنة أو للخوف من شدة وطأته وشدته في دين الله أو لدفع ضرر يخبئه لهم الغيب. وإما كراهة اجتماع النبوة والخلافة في بيت واحد. ولقد تبينوا خطورة الموقف بعد غزوة تبوك وهي الغزوة التي شهدت محاولة اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم. ووفقا لهذه القراءة للأحداث كان كبار الصحابة أمام خيارين:
الأول: أن يعملوا بالنص وينصبوا عليا، ثم تجرى بحور الدماء على أيدي الذين حق عليهم القول فهم لا يؤمنون بجميع دوائرهم وتياراتهم، ويترتب على ذلك تقدم الجاهلية والارتداد عن الإسلام.
الثاني: أن يرجحوا المصلحة وينصبوا لشيخا مجربا للأمور لا يحسده أحد ولا يحقد عليه أحد ولا يبغضه أحد. فأيهما أصلح للدين؟ الوقوف مع النص الذي يؤدي إلى ارتداد الخلق ورجوعهم إلى الأصنام والجاهلية. أم العمل بمقتضى الأصلح واستبقاء الإسلام واستدامة العمل بالدين وإن كان فيه مخالفة النص؟
قد يقول قائل: إن نفسي لا تسامحني أن أنسب إلى الصحابة عصيان النبي ودفع النص. وهذا شعور طيب. ولكن هناك نصوص صريحة ثم مصادرتها وهي في كتاب الله ومن ذلك سهم المؤلفة قلوبهم وسهم ذي القربى وسيأتي الحديث عنهما في حينه. ثم أن نفسي أيضا لا تسامحني أن أنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم إهمال أمر الإمامة وأن يترك الناس في فوضى وهو صلى الله عليه وسلم ما كان يغيب عن المدينة إلا ويؤمر عليها أميرا وهو حي ليس بالبعيد عنها فكيف لا يؤمر وهو ميت لا يقدر على استدراك ما يحدث؟
والخلاصة أقر كبار الصحابة هذا الرأي لحقن الدماء ولسير الدعوة. وحقن الدماء يدخل تحت ظلها علي بن أبي طالب وأهل بيته. ولهذا لم يتعرض إليه أحد بمكروه وكان هو وأولاده على امتداد عصور الخلفاء الثلاثة يعامل بكل تقدير واحترام. ووفقا لما ذكرنا بايع عمر لأبي بكر رضي الله عنه... وأبو بكر