الأمة وتأتي الأخرى قال تعالى: (لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) (1).
إن الأجل في هذه الآية أضيف إلى الأمة، إلى الوجود المجموعي للناس، لا إلى هذا الفرد بالذات. إن هناك أجل آخر وميقات آخر للوجود الاجتماعي لهؤلاء الأفراد، للأمة بوصفها مجتمعا ينشئ ما بين أفراده العلاقات والصلات القائمة على أساس مجموعة من الأفكار والمبادئ. هذا المجتمع الذي يعبر عنه القرآن بالأمة له أجل، وله موت، له حياة، له حركة، وكما أن الفرد يتحرك فيكون حيا ثم يموت، كذلك الأمة تكون حية ثم تموت. وكما أن موت الفرد يخضع لأجل ولقانون ولناموس كذلك الأمم أيضا، لها آجالها المضبوطة (2) (وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم * ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون) (3).
إن الأمم تموت، وتأتي أمم أخرى. أعلام تسقط وأعلام ترفع. وعلى امتداد الرحلة يكون في السلف عبرة للخلف، ويكون في الماضي زاد للحاضر يبصر به الطريق الواضح إلى المستقبل. والقرآن الكريم حث الإنسان كي ينظر إلى الخلف حيث ساحة الاعتبار. ليكون الاعتبار له زاد، قال تعالى: (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين) * (4).
لقد أهلكوا وسبب الهلاك الذنوب، وفي هذا دلالة على أن للسيئات والذنوب دخلا في البلايا والمحن العامة، كما أن الحسنات والطاعات لها دخل في إفاضة النعم ونزول البركات. وقال تعالى: (وكم أهلكنا من قرية بطرت