أولي الألباب) (1).
وكما أقام سبحانه الحجة على الإنسان في عجينته الداخلية أقام عليه الحجة في عالم الحياة الدنيا، عالم المشاهدة المنظور، فجهز بدن الإنسان بما يبصر به، وما يستعين به على الكلام. فإذا نظر، أو تكلم واستقام نظره وكلامه مع المخزون الفطري، ومخزون التقوى، تقدم في طريق الخير. قال تعالى: (ألم نجعل له عينين * ولسانا وشفتين * وهديناه النجدين) (2).
والمراد بالنجدين طريقا الخير والشر. أي علمناه طريق الخير وطريق الشر بإلهام منا. فهو يعرف الخير من الشر. والإنسان مخير في أي الطريقين يسلك. قال تعالى: (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا * إنا اعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا) (3).
لقد زود تعالى الإنسان داخليا وخارجيا بالوقود الذي يؤدي إلى الفوز. وأراه السبيل المؤدي إلى الغاية المطلوبة. وعلمه بواسطة الأنبياء والرسل عليهم السلام أن سلوك هذا السبيل ينتهي بالإنسان إلى سعادته في الدنيا والآخرة. وأخيره أن الشكر لهذه الهداية الإلهية إنما يكون بوضع النعمة في محلها، واستعمال هذه النعمة على أساس أنها من المنعم الحق.
لقد أقام سبحانه الحجة على جميع خلقه، وقد قضى الله أن الإنسان راجع إليه. وسيسأل الإنسان عن عمله، أشكر النعمة أم كفر بها؟
والنعم تبدأ من الفطرة ولا تنتهي لأنها لا تحصى ولا تعد.
وأمام الله قاصم الجبارين سيق الإنسان عاريا من كل شئ. عاري النفس، عاري المشاعر، عاري التاريخ (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى * وأن سعيه