معيشتها) * (1) أي طغت في معيشتها وقال تعالى: * (وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون) * (2).
إن الماضي حجة على الحاضر والحاضر حجة على المستقبل. ولا يسمع الصم الدعاء. إن الأمة تأتي لينظر إليهم كيف يعملون. ورسل الله عليهم السلام حثوا أقوامهم وذكروهم بمن سبق كي يبصروا وقع أقدامهم وهم يعبرون الجسر إلى الآخرة.
فهذا هود عليه السلام يقول لقومه: (واذكروا إذا جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح) (3).
وهذا صالح عليه السلام يقول لقومه: (واذكروا إذا جعلكم خلفاء من بعد عاد) (4).
والنظر إلى الخلف لا يعني التغني بوثنية من سبقونا، إنما البحث في عوامل انهيارهم كي يتجنب الحاضر ما وقع فيه الماضي. فلعل الماضي يكون قد أركس في فتنة. فإذ لم يتبين الحاضر خيوطها وسار على منوالهم، كان في حقيقة الأمر امتدادا للفتنة وإن لم يشارك فيها. وكما أن في الماضي زادا للحاضر يعبر به جسور الحياة. فإن الحاضر وهو تحت الامتحان عبرة للمستقبل. فهذا موسى عليه السلام يقول لقومه: (عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون) (5). لقد ذهبت أمة، وجاءت أخرى ليجري عليها الاختبار الذي يكون زادا للمستقبل. وأمة محمد صلى الله عليه وسلم آخر الأمم. يخاطبها سبحانه فيقول: (ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءت رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين * ثم جعلناكم خلائف في الأرض من