بأعينهم. وقال كما في الحديث الصحيح: " أيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي "، كما مر من قبل. والأمور التي تتعلق بالقيادة بعد حجة الوداع تقام الحجة فيها على ساحة القيادة أولا. وهذه المساحة هي رؤوس قريش بالمدينة. وذلك لأن قريشا هي النواة التي تدور حولها المساحة الواسعة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم " (1)، وفي رواية: " صالحهم تبع لصالحهم وشرارهم تبع لشرارهم " (2)، فقريش بذور منها شجر. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " المرء مع من أحب " (3).
والنبي في طريقه من حجة الوداع. كان على علم تام من ربه. مما سيحدث لأمته من بعده. كان يعلم أن في أمته من سيستمتع كما استمتع الذين من قبلهم وسيخوض كما خاضوا. وسيترتب على ذلك الحبط والخسران والبغي والافتراق، وكان يعلم أن مقدمة هذا كله ستكون من دائرة قريش وليس من الدائرة الواسعة، لذا نراه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وجه إشاعات من الضوء على سبيل الخير ليهرع الناس إليه، فأوصى بالكتاب والعترة، وأعلن أن عليا منه وهو منه ولا يؤدي عنه إلا هو أو علي. وهذا الاعلان. هو نفس الاعلان يوم سورة براءة في العام التاسع الهجري. وبعد أن سلط الضوء على سبيل الخير. سلطه على الجانب الآخر كي يحذر الناس من مقدمات الوقوع قبل الوقوع. ثم بين كيفية النهوض بعد الوقوع. كما سنبين فيما بعد.
ومن أشعة الضوء على الجانب الآخر من قريش. عن أبي مطير قال:
أخبرني من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو يعظ الناس ويأمرهم وينهاهم فقال: أيها الناس خذوا العطاء ما كان عطاء. فإذا