عليا رضي الله عنه على أثره. فأخذها منه. فكان أبا بكر وجد في نفسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر إنه لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني.
وفي الدر المنثور أخرج ابن مردويه عن أبي رافع قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله ببراءة إلى الموسم. فأتى جبريل عليه السلام. فقال: إنه لا يؤديها إلا أنت أو رجل منك، فبعث عليا رضي الله عنه على أثره. حتى لحقه بين مكة والمدينة فأخذها فقرأها على الناس في الموسم.
فذهاب علي بن أبي طالب، علاوة على أنه لا يؤدي عن النبي إلا هو كما ورد في الحديث الصحيح عن حبشي بن جنادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي " (1)، إلا أنه يستقيم مع الأحداث حيث فورة النفاق، وحيث إخبار النبي لقريش يوم الحديبية بأن لهم من علي بن أبي طالب يوما فعن ربعي بن علي، أن النبي قال لهم يومئذ: يا معشر قريش لتنتهين أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدين.
قد امتحن الله قلبه على الإيمان. قالوا: من هو يا رسول الله؟ وقال أبو بكر: من هو يا رسول الله؟ وقال عمر: من هو يا رسول الله؟ قال: هو خاصف النعل.
وكان قد أعطى عليا نعله يخصفها (2).
لهذا نقول أن بعث علي بن أبي طالب بسورة براءة له أبعاد متعددة. فأبو بكر لم يثبت أن له قتيل في الإسلام. ولم يكن رضي الله عنه مشهورا بالشجاعة ولقاء الحروب. وأيضا لم يكن جبانا ولا خوارا. وإنما كان رجلا عاقلا ذا رأي وحسن تدبير، والآيات تحمل منهجا لا مهادنة فيه ولا مساهلة. فإعطاؤها لأبي بكر أولا ثم إعطاؤها لعلي بعد ذلك فيه تلويح بالعصا الغليظة.
وحول هذا الحديث أدلى كل منهم بدلوه، فقال البعض: إن النبي بعث عليا بالسورة لأن من عادة العرب أن لا يحل ما عقده الرئيس منهم. إلا هو أو