جابر بن عبد الله. رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول: " يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي " (1)، إن هذا الاعلان لا يحتاج إلى جدل طويل على بساط الفطرة. حيث أن الساحة عليها دائرة رجس لا بد أن تجابهها دائرة تطهير. وإذا علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع فيما روي عن يحيى بن آدم السلولي، وكان قد شهد يوم حجة الوداع. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " علي مني وأنا منه ولا يودي عني إلا أنا أو علي " (2)، فهذا الاعلان أيضا لا يحتاج إلى جدل طويل.
لأنه من قماشة واحدة بدأت عندما نزل قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين)، لقد كانت البداية من هنا. ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم منذ البداية لعشيرته كما ورد في الحديث الصحيح " أيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي " (3)، فلم يقم إليه أحد وقام علي بن أبي طالب وبايعه على ذلك. وليس هذا من قماشه حديث: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي "، وذلك بعد أن اتسعت دائرة الضوء وفقا لحركة الدعوة. ثم ألا يتفق ذلك مع قماشة يوم تبليغ سورة براءة حيث قال النبي: " جاءني جبريل فقال، لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك " فما الغرابة إذن في فهم الموقف يوم حجة الوداع. حيث قال النبي: " علي مني وأنا منه ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي "، وجميع ذلك من نسيج قوله تعالى يوم المباهلة. (وأنفسنا وأنفسكم).
فإذا كان هذا البلاغ قد تم في حجة الوداع. وإذا كان في نفس الحجة قد نزل عشية يوم عرفة (4)، قوله تعالى: (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا