تجاحفت قريش على الملك وكان عن دين أحدكم فدعوه " (1)، فهو في حجة الوداع كان يعلم أن قريشا ستدفع لتشتري الدين من الناس. أليس هذا في حاجة إلى إقامة حجة دافعة عليها؟ وفي رواية: " خذوا العطاء ما دام عطاء، فإذا كان إنما هو رشا فاتركوه. ولا أراكم تفعلون. يحملكم على ذلك الفقر والحاجة. ألا إن رحى بني مرج قد دارت. وإن رحى الإسلام دائرة. وإن الكتاب والسلطان سيفترقان. فدوروا مع الكتاب حيث دار. وستكون عليكم أئمة أن أطعتموهم أضلوكم. وإن عصيتموهم قتلوكم. قالوا: فكيف نصنع يا رسول الله؟ قال.
كونوا كأصحاب عيسى نصبوا على الخشب ونشروا بالمناشير. موت في طاعة.
خير من حياة في معصية (2)، قال صاحب عون المعبود في شرح سنن أبو داوود: معنى حديث ترك أخذ العطاء. إذا رأيت قريش تخاصموا على الملك.
وتقاتلوا عليه. وقال كل واحد منهم: أنا أحق بالملك أو الخلافة منك. وتنازعوا في ذلك وأصبح هذا العطاء عن دين أحدكم، أي يعطوه لكم عوضا عن دينكم.
فاتركوا أخذه " (3).
باختصار الحديث عن القيادة لا يكون تفصيله إلا على أرضية قريش. فإذا كان علي ولي كل مؤمن بعد رسول الله. فلا بد أن يعلن هذا أولا عند الأعقاب التي ستتصارع على الملك ليكون في ذلك حجة عليها. ومن أراد أن يفهم هذا المعنى عليه أولا أن يسلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث في قوم من البشر وليسوا من الملائكة. وهذا القوم كان النبي يتعامل معه وفقا لمصلحة الإسلام وكان لا يخاف إلا على الدعوة. ومن الدليل على ذلك. أن زيد بن حارثة كان عبدا للنبي صلى الله عليه وسلم. ثم حرره واتخذه ابنا له.
وكان تحته زينب بنت جحش بنت عمة النبي. وكان النبي يعلم من ربه أن زينب ستكون من أزواجه. فجاء زيد إليه واستشاره في طلاقها. فنهاه النبي عن