النبي (1)، وحضر الحج في هذا العام نحو أربعين ألفا من المسلمين (2)، وروي أن عليا أتى من اليمن بهدي بلغ مجموعها مع ما أتى مع النبي صلى الله عليه وسلم مائة. فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثلاثا وستين. ثم أعطى عليا فنحر ما تبقى. وأشركه في هديه. ثم أمر من كل بدنة ببضعة (قطعة من اللحم) فجعل في قدر. فأكل هو وعلي من لحمها وشربا من مرقها (3)، وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما هم بذبح الهدي قال: إدع لي أبا حسن.
فدعى له علي. فقال: خذ بأسفل الحربة. وأخذ رسول الله بأعلاها ثم طعنا بها البدن. فلما فرغ ركب بغلته وأردف عليا (4)، وعندما خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس. كان علي بن أبي طالب يعبر عنه (أي يبلغ حديثه) - عليهم السلام -، قال القارئ: وقف علي حيث يبلغه صوت النبي صلى الله عليه وسلم فيفهمه فيبلغه للناس ويفهمهم من غير زيادة ولا نقصان.
كان علي بن أبي طالب يبلغ عنه والناس بين قائم وقاعد. والناس شاهدوا الرسول وعلي منذ بداية الشعائر ينحر معه، وتباركة في الهدى ويأكل معه. ويعبر عنه، ومن قبل سمعوا بقصة تبليغ براءة وبمنزلة هارون من موسى. وبغض المنافقين لعلي. وقبل ذلك سمعوا يوم خيبر أن عليا يحبه الله ورسوله. وشاهدوا يوم أن ناجاه رسول الله وطالت نجواه. وعاينوا يوم أن سد النبي جميع الأبواب إلا باب علي. وعلموا وشاهدوا حديث الكساء وحديث المباهلة. وتأكدوا أن عليا أقدمهم سلما وأكثرهم علما وأوسعهم حلما. وأن سيفه لا تخشى في الله لومة لائم. كل هذا وغيره علموه وشاهدوه. فأي إشارة من النبي إلى علي يجب أن تفهم على بساط الفطرة. لأنها لن تفهم على طريق الحفائر والارتياب والجدل العقيم. فإذا وقف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وقال فيما رواه