وأفتك من اليهود وسائر أهل الكتاب. فهؤلاء لم يمسك النبي صلى الله عليه وسلم عن تبليغهم أو أخره. وإنما تعامل معهم على امتداد الرحلة بالذي تظهره كتب التفسير والحديث والتاريخ. وهؤلاء قد يأتي منهم خطر. ولكن هذا الخطر لا يأتي إلا بعد أن يتآكل الأساس. وتآكل الأساس مهمة المنافقين والذين في قلوبهم مرض - في المقام الأول - لقد رد ابن كثير على القول بأن الآية مكية فقال في تفسيره: إن هذه الآية مدينة. بل هي من أواخر ما نزل بها (1).
وقول ابن كثير بأن الآية أخر ما نزل. قد يفتح الأبواب على سؤال هو، ما هو الحكم الذي أنزل الله في آخر آية نزلت على رسوله وقال له: (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) إن القول بأن هذا الحكم يتعلق بالطهارة والغسل والتكفين. قول لا يلتفت إليه. وعلى أي حال. فهناك نبذة من الأخبار تدل على نزول هذه الآية في حق علي بن أبي طالب يوم غدير خم. وقبل أن نقدم أحداث يوم الغدير. حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه أئمة الحفاظ عن جمع من الصحابة " من كنت مولاه فعلي مولاه " نلقي الضوء على الحديث ورواته.
قال ابن كثير في البداية: لما تفرغ النبي من بيان المناسك ورجع إلى المدينة. خطب خطبة عظيمة الشأن في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة. بغدير خم تحت شجرة هناك. فبين فيها أشياء. وذكر في فضل علي بن أبي طالب وأمانته وعدله وقربه إليه. وأزاح به ما كان في نفوس كثير من الناس منه. وقد اعتنى بأمر حديث غدير خم أبو جعفر الطبري فجمع فيه مجلدين وأورد فيها طرقه وألفاظه. وكذلك الحفاظ الكبير أبو القاسم بن عساكر أورد أحاديث كثيرة في هذه الخطبة (2).
وقال الإمام أحمد بن حنبل: حديث من كنت مولاه. سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثون صحابيا. شهدوا به لعلي بن أبي طالب عندما