علي بن أبي طالب.
وغدير خم يقع على الطريق بين مكة والمدينة. وهو على بعد ثلاثة أميال من الجحفة. وهناك حكمة بالغة في اختيار هذا الموقع لإقامة الحجة على قريش ومن حولهم. فالمنطقة صحراوية إلا من بعض الشجر. وقيل، كان هناك غيطة الغدير مضاف إليها، فالمكان معد لاستقبال من أراد الراحة من عناء سفر طويل.
واختيار هذا المكان لإبلاغ الحكم النازل. كي يكون المكان فريدا لإعلان حكم فريد. بمعنى. لو أعلن الحكم في حجة الوداع مثلا. وسئل الناس بعد ربع قرن على سبيل المثال. ماذا قال الرسول في حجة الوداع: سيقولون. قال كذا عند الحلق والتقصير وذبح الهدي ورمي الجمار وأوصى بكذا وكذا، وأما إذا كان المكان قد خصص لحكم واحد كغدير خم. فلو قيل: ماذا قال الرسول في الغدير؟ فلن تكون هناك إلا إجابة واحدة على سؤال محدد. وهذا ما فعله علي بن أبي طالب أيام خلافته فكان لا يقول إلا " نشدت الله رجلا سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم ما قال لما قام.. " (1)، فإفراد المكان بحكم. لهدف ومن وراء الهدف حكمة. وأما حديث الغدير فإننا نسوق منه ما رواه الإمام مسلم عن زيد بن أرقم رضي الله عنه. قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة. فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر. ثم قال: أما بعد ألا أيها الناس. فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله. فيه الهدى والنور.
فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحث على كتاب الله ورغب فيه. ثم قال:
وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي (2).
هذه رواية مسلم وفيها الخطوط العريضة. ومنها نعلم أن النبي يودع ويخبر