بعصبة الأمم كانت تشارك إنجلترا نفس الشعور، لأنها كانت واقعة تحت تأثير اليهود، وما يسيطرون عليه من مناصب حساسة بالدول الكبرى، وبخاصة في أمريكا، ثم بما يملكون من ذهب وإغراء ومتاع، ولذلك يقول وايزمان في مذكراته بصلف وكبرياء: نحن اليهود الصهيونيين كنا نسعى لإقامة دولة لنا بفلسطين، وقد انتدبنا الإنجليز لحكمها، واستعنا في هذا بعصبة الأمم، فنحن الذين سلمنا فلسطين للانجليز مؤقتا، وليس الإنجليز هم الذين وهبوها لنا بعد ذلك (1).
وكان مدلول الانتداب أنه أمانة ينتهي أجلها عندما يصبح السكان قادرين على حكم أنفسهم بأنفسهم، وقد برهن الشعب العربي بعد فترة قصيرة على هذه الصلاحية فاستعاد بعض حقوقه السياسية بسوريا ومصر والعراق متمثلة في الحكم الذاتي، وطالبت فلسطين بمثل هذا الحق، وذكر المتحدثون باسم فلسطين أنها ليست أقل تطورا من البلدان العربية الأخرى، وقد أجاب تشرشل على هذا بقوله في صراحة: إن المسألة ليست هي أن الشعب العربي في فلسطين أقل تقدما من جيرانه، ولكن تشكيل حكومة وطنية بفلسطين سيحول دون تنفيذ العهد الذي قطعته الحكومة البريطانية للشعب اليهودي بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين.
ويقول الدكتور وايزمان في مذاكراته:
لقد احتضنت بريطانيا حركة الصهيونية منذ نشأتها، وأخذت على عاتقها تحقيق أهدافها ووافقت على تسليم فلسطين خالية من سكانها العرب لليهود في سنة 1934 ولولا الثورات المتعاقبة التي قام بها عرب فلسطين لتم إنجاز هذا الاتفاق في الموعد المذكور (2).