يرمي الصهيونيون من ورائه إلى تنظيم أنفسهم وإعدادها لاستعمار فلسطين، وجهدا خارجيا يرمي إلى البحث عن دولة تساندهم، وتحقق لهم ما تصبوا إليه نفوسهم.
أما من الناحية الأولى فقد أنشئوا جهازا إداريا دقيقا لجمع المال، وظهرت (جمعية عشاق صهيون) لنشر اللغة العبرية، وللدعوة إلى تكوين مستعمرات زراعية في فلسطين، وذلك بشراء الأرض من العرب مهما بلغ سعرها، ودفع أكبر عدد من اليهود للهجرة إلى فلسطين بحيث يصبحون أكثرية بأسرع ما يمكن، واشترك أثرياء اليهود بسخاء في تمويل هذه المشروعات وبخاصة المليونير روتشيلد الذي فتح خزائنه لهذا الغرض دون حساب.
وأما من الناحية الثانية فقد درسوا أحوال القوى الاستعمارية المتصارعة لينحازوا للمعسكر الذي يتفق مع أغراضهم، ووجدوا في إنجلترا خير حليف لهم، فأعلن زعيمهم الجديد وايزمان ارتباط مصالح اليهود بمصالح إنجلترا، وانضم صراحة إلى معسكرهم.
هذا هو جانب اليهود في الموضوع حتى قبل إعلان تصريح بلفور، فماذا كان جانب الاستعمار؟
في سنة 1907 تولى (كاميل بنرمان) رئاسة الوزارة في بريطانيا وقد قام رئيس الوزراء بتشكيل لجنة مكونة من بعض علماء التاريخ ورجال القانون والسياسية ليس من بريطانيا وحدها وإنما من عدة دول أخرى، ووجه (بنرمان) خطابا إلى تلك اللجنة حدد فيها مهمتها وجاء فيه:
(إن الإمبراطوريات تتكون وتتسع وتقوى، ثم تستقر إلى حد ما، ثم تنحل رويدا رويدا، وتزول، والتاريخ ملئ بمثل هذه الأمثلة، وهي لا تتغير بالنسبة لأية إمبراطورية أو أمة، فهناك إمبراطوريات روما وأثينا