إلى أنهم قوة يمكن أن تستولي على الحكم، وتصدت الدول العربية للدفاع عن عروبة فلسطين، وخاضت من أجل ذلك حربا ضد اليهود، ورجحت كفة العرب في الجولة الأولى، فتدخل النفوذ الاستعماري وأرغم العرب على إيقاف القتال مدة محدودة، وفي خلال هذه المهدة انهالت الأسلحة الغربية على اليهود، كما انهال المتطوعون الغربيون، مما ضمن لليهود النصر في الجولة الثانية، وكان من الأخطاء العربية الجسيمة أن تركت القيادة العامة لجيش الأردن الذي كان قائده (جلوب باشا) إنجليزيا يخدم أهداف بلاده قبل كل شئ.
وقامت دولة إسرائيل، وأسرعت أمريكا فاعترفت بها، واعترفت بها روسيا ودول الغرب، وأخرجت إسرائيل العرب من دورهم، وسلبت ممتلكاتهم، وألقت بهم لاجئين خارج وطنهم، يعيشون في خيام، أو ينزلون صفر اليدين بالبلاد العربية، ورفضت إسرائيل أن تصيخ لقرارات هيئة الأمم المتحدة بإنصاف اللاجئين، وراحت توفي للاستعمار بوعودها، فتآمرت مع إنجلترا وفرنسا للعدوان على مصر سنة 1956.
ولكن هذه الجولة الخاسرة كانت مطلع النور بالنسبة للبلاد العربية، فقد هبت من سباتها، وأدركت ما يراد بها، وعرفت الخطر المحدق بمستقبلها، فراحت تبني نفسها بعزم وإصرار، وعلا صوتها في المحيط العالمي فغطى على صوت إسرائيل وأنصارها. والمعركة مع إسرائيل لم تنته، بل أنها لم تبدأ بعد، ويوم تبدأ ستثأر الكرامة العربية لنفسها، وتعيد فلسطين إلى عروبتها كما كانت وكما يجب أن يكون.