وكانت فلسطين في أكثر فترات التاريخ وبخاصة في العهد الإسلامي تتبع مصر، فلما جاء العثمانيون حرصوا على عزل فلسطين عن مصر وضموها إلى الشام الذي أحيوا له الاسم القديم (سورية) وكان هذا لإضعاف الجبهة المصرية التي كانت تمثل مركزا قويا دعا العثمانيين أن يحسبوا حسابه، وظلت فلسطين جزءا من سورية حتى سقطت الإمبراطورية العثمانية، فاستولت فرنسا على الجزء الشمالي من سوريا وجعلت منه سوريا ولبنان، واستولت بريطانيا على الجزء الجنوبي وجعلت منه إمارة شرق الأردن وفلسطين.
والتقت حول فلسطين مصالح الصهيونيين مع مصالح الاستعمار الإنجليزي، وجاءت الحرب العالمية الأولى فكانت فرصة ذهبية للصهيونيين، وأصبح انتصار الإنجليز على الأتراك نقطة الأمل عند الصهاينة، وبينما كان الإنجليز يستدرون عطف العرب، ويقدمون لهم العهود والمواثيق لتحقيق استقلالهم كاملا بعد الحرب، كانت المؤامرة الدنيئة تنسج خيوطها بين اليهود والإنجليز، وفي الثاني من نوفمبر سنة 1917 أعلن وعد بلفور المشئوم ونصه.
إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وسوف تبذل أقصى جهودها لتسهيل هذه الغاية، على أن يفهم جليا أنه لا يجوز عمل شئ قد يضر بالحقول المدنية والدينية التي للطوائف غير اليهودية في فلسطين، ولا الحقوق ولا المركز السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد غيرها.
ويعترف وايزمان في مذاكراته أنه هو الذي كتب بيده هذه الوثيقة بناء على طلب اللورد بلفور (1).
واتجهت إنجلترا بكل قواها إلى أن يتم لها الانتداب على فلسطين لتنفذ ما وعدت به، ولم يكن ذلك عسيرا عليها. فإن القوى الغربية