وسرعان ما ارتفع رقم اليهود بفلسطين ارتفاعا كبيرا عما كان عليه عند احتلال بريطانيا لفلسطين حتى نافس عدد العرب، وقد جاء في تقرير اللجنة الملكية البريطانية سنة 1937 ما يلي: (وما جاءت سنة 1936 حتى كان الوطن القومي اليهودي قد نما وأصبح شيئا يشبه حكومة داخل حكومة، فالطائفة اليهودية قد بلغت أربعمائة ألف شخص [وكانت خمسة وأربعين ألفا سنة 1918] ولها عاصمتها (تل أبيب) وعلمها الوطني، ونشيدها القومي، ونظامها الثقافي، ولها شبكة من المصالح الاجتماعية والاقتصادية، وترتبط هذه الطائفة باليهودية العالمية بوساطة الوكالة اليهودية، بينما تدار شؤون الجماعة الداخلية بواسطة مجمع وطني أو مجلس ملي، ومجلس ربانيين، وإننا نرى أن الدولة المنتدبة قد قامت حتى الآن خير قيام بإنشاء الوطن القومي لليهود بفلسطين (1).
ويبدو أن النشاط الإنجليزي لخدمة الصهاينة توانى أحيانا بسبب الضغط الذي كانت بريطانيا تتعرض له من العرب والمسلمين ومن الضمير العالمي، ولكن اليهود لم يغفروا للإنجليز هذا التواني، بل ثاروا عليهم كلما ظهر منهم التواني في خدمتهم، فأوقع الارهاب الصهيوني بالإنجليز ألوانا من البلاء، فدمروا منشآتهم، ونسفوا دورهم وقاطراتهم، وقتلوا كل من تحوم حوله شبهة التواني في خدمة الصهيونية، وبلغ من استهانتهم بالسيد الذي رباهم وآواهم أن شنقوا رجال البوليس على قارعة الطرق، وأعلن بن جوريون أن الوكالة اليهودية بفلسطين لن تستطيع أن تساعد في وقف هذا الارهاب.
واضطر الإنجليز أن يحنوا الرأس وأن يعودوا لمسالمة اليهود ومساعدتهم.
وإذا كان الإنجليز قد أصابهم هذا البلاء، فإن العرب قاسوا من الإنجليز ومن اليهود ألوانا من التنكيل تقشعر لها الأبدان، وقد تعاونت (الهاجانا) (أي منظمة الدفاع عن النفس) اليهودية مع الإنجليز في قمع