يحتل الجسر البري الذي يربط آسيا بإفريقية، بحيث يشكل في هذه المنطقة، وعلى مقربة من قناة السويس، قوة صديقة للاستعمار، وعدوة لسكان المنطقة.
وإتماما لهذه الدراسة التي ظهرت في وثيقة بنرمان نضيف مجموعة من الحقائق المهمة مستقاة من أبحاث كبار المؤرخين الغربيين الذين عنوا بشؤون الشرق الأوسط أمثال سديو وكارل بروكلمان، وهذه الحقائق هي:
أولا: إن موقع الدول العربية بالشرق الأوسط وبخاصة مصر وقناة السويس يشكل نقطة حيوية في التخطيط الاستعماري، فعن طريق هذه المنطقة يتم اتصال إنجلترا بمستعمراتها في الهند والشرق الأقصى وباستراليا، ويتم اتصال فرنسا بالهند الصينية. والبرتغال بجوا، وهولندا بإندونيسيا، ومن هنا كانت مصر تمثل باب هذه المستعمرات.
ثانيا: انضمت أمريكا وكندا إلى هذا الاتجاه، فأما أمريكا فقد دفعتها الصهيونية التي كانت ذات نفوذ كبير في البيت الأبيض ولدى السلطات الحاكمة، فأعلنت أمريكا أن عزلتها انتحار بطئ لها، وأنها لذلك تسند مستقبل أوربا وتؤازر مخططها وتحمل معها أعباءها، وأما كندا فقد كانت أكثر إحساسا بمشكلات الغرب وتفاعلا بها بسبب ارتباطها الوثيق بإنجلترا.
ثالثا: يقول كارل بروكلمان إن الخبراء الإنجليز أكدوا النظرية التي طالما برهن التاريخ على صوابها وهي أن التحكم في مصر لا يتم إلا من قاعدة سورية، ومن هنا أصبحت فلسطين - وهي في الأصل جزء من سوريا - ضرورية السياسة الغربية.
رابعا: إن الاستعمار أو الانتداب أو الاحتلال أو غيرها من الاصطلاحات لا تفي بالمطلوب بالنسبة لهذا الموقع بالذات، فحركات التحرر به لا تهدأ، عرفها الفرنسيون إبان حملة نابليون، وعرفها الإنجليز إبان حملتهم على