ومن جهة اليهود ليس هناك وفاء أو صلات خاصة تدفعهم لاختيار سيدهم الجديد الذي يمنحهم فلسطين ويمنحونه السيادة، فاليهود لا يعرفون الوفاء، ومن أجل هذا تم اتفاق بينهم وبين نابليون بونابرت على هذه الصفقة ليضرب بها مصالح إنجلترا في الشرق، ولكن نابليون سرعان ما هزم وعاد إلى بلاده، فراح اليهود يبحثون عن سيد جديد.
وفي آخر القرن الماضي وأوائل القرن الحالي ظهر زعيم يهودي كبير هو تيودور هرتزل، وكان صحفيا نمساويا. وقد شهد بباريس - كمراسل صحفي - محاكمة الضابي الفرنسي اليهودي (دريفوس)، ولكنه أحس في المحاكمة - كما يقول - بروح العداء للسامية ولليهود، فكتب كتابه (الدولة اليهودية) سنة 1895 يعلن فيه ضرورة قيام دولة لليهود يحتمون بها من هذا العنت، ولم يعين هرتزل مكانا لهذه الدولة، ثم بذل جهدا هائلا لجمع كلمة اليهود وتوجيه نشاطهم، فعقد مؤتمر بال سنة 1897 وقد حدد هرتزل أهدافه بقوله (إننا اجتمعنا هنا لكي نضع حجر الأساس للمبادئ التي تجمع الشعب اليهودي) وسرعان ما سيطر شعور اليهود الشرقيين (الروس بوجه خاص) على هذا المؤتمر، وكان هؤلاء يتمسكون بأن يكون مأوى اليهود في أرض فلسطين، فاتخذ المؤتمر القرار التالي:
إن أماني الصهيونية هي إنشاء وطن للشعب اليهودي يعترف به من الناحيتين الرسمية والقانونية، ويصبح الشعب اليهودي بإنشائه في مأمن من الاضطهاد، على أن يكون هذا الوطن هو فلسطين (1).
وتوالت المؤتمرات، وكانت خلاصة نتائجها تدور حول: كيف يمكن لليهود استعادة فلسطين؟ فاتفقوا على أن هذا يستلزم جهدين، جهدا داخليا