لماذا نشرد والناس مستقرون؟
وترتب على ذلك أنهم لم يعرفوا الولاء لوطن نزلوا به، ولاحقتهم من جديد عزلتهم التي سبق أن تكلمنا عنها، والتي كانت أبرز صفاتهم، فإذا بهم يعيشون في أحياء خاصة بهم، وكان حي اليهود دائما قذرا مظلما غير صحي يعرف باسم (الغيتو) نسبة إلى اليهود في روما، وشاع هذا الاسم في غير روما أيضا. وكانوا كذلك يعيشون في كل بلد فكانت لهم في القاهرة حارة وفي الإسكندرية حارة تحمل اسمهم.
وكان مجتمع اليهود مصدر الخيانات والمؤامرات ضد كل بلد نزلوا فيه، وقد صور كثير من الكتاب انعزالية اليهود وانتهازيتهم وخيانتهم للبلاد التي نزلوا بها سواء في ذلك إبان تاريخهم القديم، أو في التاريخ الحديث، يقول الدكتور عبد المعز نصر (1).
لم يكن فرعون بعد بني إسرائيل جزءا من قومه لأنهم عاشوا في عزلة عن الشعب، ولأنهم جاءوا إلى مصر لا ليقيموا ويندمجوا، بل ليخرجوا منها بعد أن تتجمع لهم في مصر قوة المال والعدد، وهذا ما رسمه لهم (يهوه) ربهم إذ قال مخاطبا إسرائيل: (أنا أنزل معك إلى مصر وأنا أصعدك أيضا) وقد استشعر فرعون الريبة من ناحية بني إسرائيل وتوجس انضمامهم إلى الأعداء إن دخلت مصر في حرب، فعيونهم متجهة إلى الخارج لا إلى الداخل، ومن الغريب أن ما توقعه فرعون مصر القديمة كان الحقيقة الواقعة التي جربها الألمان