سيقوا إلى بابل عقب سقوطه مملكة يهوذا فهم الذين عاد بعضهم إلى بيت المقدس في عهد قورش، ومن أعقابهم جاء اليهود الذين عاصروا الأحداث عقب ذلك، وقد قلنا آنفا إن هؤلاء اليهود خضعوا لمصر وبابل والفرس واليونان والبطالسة والرومان، وكانوا يعادون الجميع وينتهزون الفرص للثورة على سادتهم، ومن أجل ذلك أنزل بهم هؤلاء السادة ألوانا من التدمير والتعذيب، وكانت سنة 135 م نهاية حياة اليهود بفلسطين، وقد أدركوا ألا مقام لهم بهذه البلاد، فساحوا في الأرض، وأقاموا هنا وهناك، وبدا لهم بذلك عصر تشرد طويل يصوره Rane Sedillot (1) بأنه عود باليهود إلى سيرتهم الأولى خروجهم من مصر مع موسى حيث عاشوا في انحلال وتشرد، وقد نزلوا خلال هذه الفترة الطويلة أكثر دول أوربا كما نزلوا بمصر وشمالي إفريقية واليمن وغيرها من الدول، وقد كان هذا العصر بالغ الأثر في سلوك اليهود وتصرفاتهم.
كانوا يرون فلسطين وطنا لهم، ولكنهم الآن فقدوا الوطن.
كانوا أمة متجمعة، فأصبحوا أشتاتا هنا وهناك.
كان لهم هيكل يتعبدون به ويقدمون بمذبحه القرابين، ولكن الدمار نزل بالهيكل والمذبح.
كانوا يرون أنفسهم شعب الله المختار، ولكنهم سرعان ما وجدوا أنفسهم شعبا مضيعا، مكروها كسير الجناح.