وللإجابة عن النقطة الثانية نذكر أن وعد بلفور تنبأ بخطر العلاقة بين اليهود خارج فلسطين وبين دولة اليهود، فلمن يكون ولاء اليهود الذين يعيشون في غير فلسطين؟ هل سيكون ولاؤهم للبلد الذي ينتمون إليه سياسيا؟ أو للبلد الذي ينتمون إليه روحيا؟ وشمل وعد بلفور نصا يقرر أن الوطن القومي لليهود في فلسطين لا يتنافى مع الحقوق والمركز السياسي الذي يتمتع به اليهود في غير فلسطين.
وعلى هذا فاليهود في غير إسرائيل مواطنون، ولاؤهم - نظريا - للبلاد التي يعيشون فيها ويحملون جنسيتها، ولكن العلاقة بين إسرائيل وبين اليهود خارجها لم تسر على هذه النظرية واتخذت من الناحية العملية الاتجاهات التي تحملها الأفكار التالية:
- أعلنت الصهيونية أن اليهود المقيمين خارج إسرائيل طوائف مشتتة تعيش في المنفى، وأنهم مواطنون إسرائيل قبل كل شئ، ويتحتم عليهم الولاء المطلق لهذه الدولة الجديدة مهما تكن جنسيتهم الرسمية التي يسبغونها على أنفسهم (1). وتقول جولدا ماير عن هذا. إن اليهودي الإنجليزي الذي ينشد بحكم إنجليزيته نشيد (حفظ الله الملكة) لا يمكن أن يكون في نفس الوقت صهيونيا (2).
- تقول الصهيونية إنه إذا كان اليهود لا يتعرضون للاضطهاد في العهد الحاضر كما تعرضوا من قبل في روسيا القيصرية، وفي ألمانيا النازية، فإن تعرضهم للاضطهاد محتمل، فهم ساميون، وهم شعب مختار ممتاز، وسيظل العالم لهذا يصطنع الوسائل لاضطهادهم.
- أما (أرى تاناكودار) أستاذ علم الاجتماع في الجامعة العبرية فيضع الأمر بحيث لا يحتمل شكا، ويلزم اليهود أن يحسوا بالاضطهاد ولو لم