أبد الدهر ليحطم كلا من بدن العدو المسيحي وروحه.
ماذا كانت نتيجة هذه الخيانات؟
كانت النتيجة أن أنزل بهم العالم ضربات قاصمة، وعقوبات صارمة، شملت التنكيل والطرد والسجن ومصادرة الأموال (1)، ويقرر Hosmer أن كل الأمم المسيحية اشتركت في اضطهاد اليهود وإنزال مختلف العنت بهم، وكانت القسوة مع اليهود تعد مأثرة يمتدح المسيحيون بعضهم بعضا عليها (2). ولكن ذلك ضاعف حقدهم، فارتفعت أصواتهم بالشكوى مما سموه ظلما واضطهادا، ولم يكن ذلك في الواقع إلا نتيجة لانحرافهم وخيانتهم.
وتكررت هذه الدورة في كل مكان عاش به اليهود، حقد ومؤامرات وخيانات من اليهود، فانتقام منهم وعدوان عليهم، فصراخ وشكوى وأنين، وقد نجح صراخ اليهود في أن يبرز للعالم ما نزل بهم من ضيم، وربما استطاعوا أن يصوروا أنفسهم في صورة المظلوم المعتدى عليه، وأن يستدروا بذلك أحيانا عطف الناس الذين خدعهم الأنين.
ونجح اليهود في أن يصورا للعالم أن إنصافهم يكن في تجمعهم في وطن قومي، يكونون هم سادته ورعيته، ووجد كثير من الناس في هذا الحل وسيلة للتخلص من اليهود وشرورهم، فأيدوهم فيه حتى ينزاحوا عن بلادهم، فكان ذلك من أسباب ما لا قوه من تأييد في اغتصابهم فلسطين في العصر الحديث.