يكونوا في مستوى واحد من حيث مكانتهم، بل كان منهم أعضاء لهم نفوذ واسع وتأثير كبير على الآخرين (1).
وسلطان هذا المجلس الأدبي، كان يمتد إلى حيث يقيم اليهود في كل البقاع، أما سلطانه المادي فكان ينكمش وينبسط حسب الظروف وكان هذا المجلس يبحث في كل الشؤون التي لها علاقة بالدين، فهو يضع قوانين المعاملة، وقوانين الزواج والطلاق، ويحدد الأعياد ومواعيدها، ويحارب الهرطقة، وما إلى ذلك من مشكلات اليهود، وكان هذا المجلس يقوم بدور الوساطة أحيانا إذا جد نزاع بين طائفتين من اليهود، وكان يحكم في القضايا الجنائية الكبرى، وله أن يحكم بالاعدام على الهراطقة، بشرط موافقة الحاكم الروماني، وقد قضى هذا المجلس بإعدام عيسى، ولكنه احتاج لموافقة هذا الحاكم (2)، وبذلك كان هذا المجلس سلاحا حادا في يد طبقة الكهنة، وطالما استعمله هؤلاء لبسط نفوذهم على اليهود وإملاء كلمتهم، وبواسطة هذا السلاح أصبحوا يأمرون وينهون، ويحرمون ويحللون، ولم يقنعوا بمد سلطانهم على المسائل الدينية فقط، بل راحوا يحولون كل مشكلات الحياة إلى مسائل دينية، وبذلك أخضعوها إلى سلطانهم (3).
ولم يكن هذا هو كل نفوذ الكهنة على الشعب، فبجانب هذا المجلس كان الكهنة هم رعاة المعبد وخدمه، وقد حقق لهم هذا الوضع امتيازا دينيا وإداريا، فالكاهن الأعظم استمتع بسلطة عظيمة ليس فقط في الأمور الدينية ولكن في الأمور المادية أيضا، وبخاصة في عهد كانت الحدود بين السياسة والدين غير واضحة، وعن طريق هذا النفوذ طالما أصبح الكاهن الأعظم ملكا متوجا (4).