أن صحابيا في أثناء حياة الرسول دق باب عمر بن الخطاب في ليلة وعمر نائم. فهب عمر من نومه مذعورا وهو يقول: ما هو؟ أجاءت غسان؟
وكما تحرش الروم بالمسلمين تحرش بهم الفرس أيضا، فالتاريخ يروي لنا أن القبائل الموالية للفرس كانت توالي الإغارة على أرض المسلمين، ولم تكن حرب المسلمين مع الفرس إلا امتدادا للدفاع الذي قام به المسلمون ليحموا أنفسهم وذويهم من هؤلاء المغيرين.
والحرب - مع ذلك - لم تكن مع الشعوب، وإنما كانت مع قيصر وكسرى وجيوشهما الباغية، هؤلاء الجبابرة الطغاة الذين كانوا يسلبون الشعوب المغلوبة حرياتها وثرواتها، وقد تعاونت هذه الشعوب مع المسلمين وقت الزحف وهذا مما سهل انتصار المسلمين، وقد دخلت أكثر هذه الشعوب الإسلام ولكن بالدعوة التي ابتدأت بعد انتهاء الحروب، ويقرر المؤرخون أن غالبية هذه الشعوب دخلت الإسلام لا وقت الفتح أو عقبه، بل بعد الفتح بأكثر من قرنين، وهذا يقطع بأن انتشار الإسلام لم يرتبط بالحروب وبخاصة إذا لاحظنا ارتباط انتشار الإسلام بفترات الضعف التي عرفها التاريخ الإسلامي كما أشرنا لذلك آنفا.
ومبادئ الإسلام واضحة في أن أي قتال إنما هو لرد عدوان كما سبق القول، وينص القرآن على أن على المسلمين أن يلجئوا للسلم إذا أوقف أعداء الإسلام عدوانهم، قال تعالى: " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله (1) " وقال: " فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا (2) ".
وقد سار الرسول على هدى هاتين الآيتين الكريمتين، فنراه يخرج لملاقاة الروم عندما بلغه أن جموعهم تجمعت على أطراف الجزيرة وأنها تريد الهجوم،