وسقط فيها كثير من الضحايا، وكانت الصحراء القاحلة بها آنذاك أبرز من مواطن الخصب ومن الغياض.
خامسا - لقد وقعت معارك عنيفة في داخل صفوف المسلمين، بدأت بموقعة الجمل واستمرت بعد ذلك، وسقط آلاف الضحايا في هذه المعارك، وما كانت تضيف أرضا خصبة ولا هناء ولا بذخا.
ما الدافع الحقيقي لهذه الحروب؟
إنها العقيدة التي رخص من أجلها كل شئ، إنها الرغبة في الحصول على إحدى الحسنيين، وهانت من أجل هذا كل تضحية، لقد كانت هناك أطماع مالية، ولكن هذه بدأت متأخرة، وكانت عند من لم يتعمق الإيمان في نفسه، وكانت على العموم عاملا ثانويا، ومن ذا الذي يحمل رأسه على يده ويقاتل أقوى جيوش الدمار والفتك لينال من بذخ العيش في أحضان الهلال الخصيب؟ والتاريخ الإسلامي مملوء بقصص البطولة، وبهؤلاء الذين نسميهم بالفدائيين الذين يلقون بأنفسهم في مراكز الخطر ليهلكوا وينجو الإسلام وترتفع راية هذا الدين أين المال والرخاء لهؤلاء الشهداء؟
ويقول Poole - Stanley Lane (1): إن تحمس العرب للفتوح كان يؤججه عنصر قوي من الرغبة في نشر الدين، فقد حاربوا لأنهم يقاتلون أعداء الله ورسوله، وحاربوا لأن مثوبة الشهداء وكئوس السعادة والنعيم كانت تنتظر من يقتلون في سبيل الله.
وقد استمرت الحرب دائرة بين الفرس والروم أربعمائة سنة، وكانت حروب أطماع ودنيا، فلم يستطع هؤلاء أو هؤلاء أن يحرزوا نصرا مؤزرا، لسبب واحد هو قلة العقيدة، فلما هاجمهم البدو بسلاح العقيدة، فل ذلك السلاح كل سلاح، وتهاوت جيوش الفرس والروم تحت أقدام المهاجمين.