الكفة الراجحة هذا العنوان استعرناه من باحث في الأديان، باحث مر بتجربة مهمة يجدر بنا أن نعرضها وأن نتدارسها، إنها تجربة تحوله إلى دين الإسلام، وهو يصف هذه التجربة أبلغ وصف وأدقه، وبذلك استحق أن نقتبس منه معالم هذه التجربة، لنعرضها، لعل فيها هدى ونورا لبني الإنسان، ذلك الباحث اسمه الآن " محمد فؤاد الهاشمي " مؤلف كتاب " الأديان في كفة الميزان (1) "، ووصفه لتجربة تحوله إلى الإسلام يدل على هدوء وعلم وعمق، وربما رأيت الآلاف ممن تحولوا إلى ديننا الحنيف، أو قرأت لبعضهم، ولكن الوصف الذي دونه الأستاذ الهاشمي تحت عنوان " الكفة الراجحة " يفوق كل وصف، فيه إحاطة، واتزان، وعمق، وفيه دقة في تصوير الانفعالات النفسية، فلنفسح هنا المجال لموجز لهذا المقال.
يولد الإنسان على دين آبائه، ويشب على مبادئهم، وربما فاقهم في التطرف والتمسك بالدين، فإذا شب عن الطوق، مرت به من حين إلى حين ساعات من الصفاء الروحي والحياد العقلي (2)، فيأخذ في التأمل فيما يدين به، ومناقشة ما يتلقى من تعاليم، وكثيرا ما يسلمه هذا إلى الشكوك والصراع الفكري، لما يظنه متناقضات في معتقده، وهذا يسلمه مرة أخرى للبحث والتنقيب عن الحقائق (3).