وحقيقته الذاتية، ولا يخلو من " وعي " يقيني بالوجود الأعظم والحقيقة الكونية.
وبجوار هذا الدليل هناك أدلة أخرى نستطيع أن نعتمد عليها للتدليل على وجود الله سبحانه وتعالى، وهذه الأدلة هي: الدليل العقلي والدليل النقلي والتجربة الشخصية، وعن كل منها سنتحدث حديثا خاصا هو - حتى ما يتعلق بالدليل النقلي - إلى الاتجاه العلمي أقرب منه إلى الاتجاه الديني، كما سيبدو فيما بعد الدليل العقلي:
كثيرون من الناس يطلبون الدليل العقلي على وجود الله، ولدينا هذا الدليل العقلي الذي عقدنا له هذا الجزء من الحديث، والحقيقة أن القرآن الكريم - كما سيأتي - حث الناس على استعمال عقولهم ليعرفوا الله خلال ذلك، ولكنا نريد أولا أن نوضح غرور الناس بعقولهم، وكيف وصل كثير منهم إلى الهاوية بسبب هذه العقول، وفي المثل الريفي الذي سمعته منذ نعومة الأظفار بقرانا في مصر: " كل واحد راض عن عقله وساخط على جيبه " وهذه حقيقة واضحة، فأغلب الناس أو كلهم يعتقدون أنهم أذكياء، وفي غاية الفطنة، وقلما يعترف واحد منهم بقصور عقله أو بتفوق شخص آخر عليه في القريحة والمواهب، وقد جلب هذا الوضع الشقاء للناس، أي أنهم تعسوا بعقولهم وكان عليهم أن ينعموا بها، وسبب تعاستهم بهذه العقول أنهم تعرضوا لأشياء تقصر عقولهم عن الوصول إليها، تعال معي لتختبر عقلك:
أنت ترى بعينيك، فهل تعرف كيف ترى؟
وأنت تسمع بأذنيك، فهل تدرك كيف تسمع؟