النبوة الحاجة إلى الرسل (*):
يتفق الناس على أن من الأعمال ما هو نافع ومنها ما هو ضار، وبعبارة أخرى منها ما هو حسن ومنها ما هو قبيح، ومن عقلائهم وأهل النظر الصحيح والمزاج السليم منهم من يمكنه إصابة وجه الحق في معرفة ذلك، ولكنهم يختلفون بالنظر إلى كل عمل بعينه، فبعض الناس يرى العدل مثلا فضيلة وبعضهم يرى الظلم دليل قوة والعدل دليل ضعف، وعلى هذا فالعقل البشري وحده ليس في استطاعته في الغالب أن يبلغ بصاحبه ما فيه سعادته في هذه الحياة.
وجمهور الناس لا تساعدهم عقولهم لمعرفة بعض الغيبيات، كمعرفة الله والتحقق من الحياة الآخرة، ومعرفة الملائكة والجن، كما لا تستطيع عقولهم أن تقرر لكل نوع من الأعمال جزاءه في الدنيا والآخرة، فعقوبة السارق، وعقوبة قاطع الطريق، وثواب الصبر والاحتساب، وثواب الصلاة والزكاة، كل هذا مما يعجز العقل العام أن يصل إليه ويحدده.