معاملة الرقيق في الإسلام:
على أن الرق إن بقي بعد ذلك فإن الإسلام كفل زوال أثره عمليا، وذلك بمحو الفوارق والتوصية بالأرقاء حتى وجد من يؤثر الرق على الحرية كما سيأتي عند الحديث عن الرق الصناعي، وأبرز ألوان المعاملة التي أتاحها الإسلام للأرقاء، هي أن الرق يتصل بالعمل الجسماني ولا يتصل بالعقل، فالرقيق يعمل لسيده ويطيعه في حدود هذا العمل، ولكنه حر في تفكيره يعتنق الدين الذي يرضيه، وليس ملزما أن يتبع سيده في أفكاره وليس للسيد أن يطلب من عبده أن يرتكب إثما أو يقتل نفسا بغير حق، وللعبد أن يعارض ذلك وأن يقف في وجه سيده قائلا: لا، هذا لا يجوز. وقد عد العرب في مطلع الإسلام هذا التفكير الذي يقضي بتحرير عقل الأرقاء ثورة عارمة، وقتلوا عبيدهم وعذبوهم حينما صاح هؤلاء العبيد في وجوه سادتهم قائلين: لقد اعتنقنا الإسلام وليس لكم سلطان على عقولنا، وسلطانكم محدود بالأعمال الجسمانية التي لا تنافي الأديان أو الأخلاق، وفي ذلك يقول ابن القيم (1) والسيد لا حق له في ذمة العبد ولا في انسانيته، وإنما حقه في بدنه.
وخطوة أخرى خطاها الإسلام في معاملة الرقيق هي مساواته بالأحرار في أكثر الشؤون، وقد روى الشيخان قوله عليه السلام: من قتل عبده قتلناه، ومن جوع عبده جوعناه، ونقل الإسلام التفاضل إلى مقياس جديد هو التقوى، قال تعالى: " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " وبناء على هذا المقياس الجديد زوج الرسول ابنة عمته زينب بنت جحش من مولاه زيد، وولى زيدا هذا قيادة جيش المسلمين الذاهب لمحاربة الروم في موقعة مؤنة وكان بين